اعتاد المواطنون من كل المناطق الساحلية، لا سيَّما في أثناء أشهر الصيف الحارة، أن ينتقلوا للعمل والعيش في الواحة الظليلة في رأس الخيمة، حيث يعتنون ببساتين النخيل وأنظمة الري الخاص بهم.
وقد عاش أكثر هؤلاء في بنايات من الطوب اللّبن وبيوت من سعف النخيل “عريش”، حيث لم يستطع بناء بيوت من الحجارة للإقامة بها خلال أشهر الصيف إلا العائلات الميسورة الحال، ولم يتبق من تلك البنايات إلا القليل جداً، مثل البيتين الصيفيين القديمين في منطقة شمل، واللذين يعطيان فكرة مهمة عن التراث القديم.
يعد “وادي البيح” أحد أكثر الصور الطبيعية المثيرة للإعجاب في إمارة رأس الخيمة، وهو وادٍ شديد الانحدار في الجبال، وقد شقّته السيول التي هطلت عبر ملايين السنين مكونةً حزاماً أخضر خصيباً من بساتين النخيل، يحيط بمنطقة كبيرة من الحصى يصل عرضها إلى 20 كيلو متراً عند مخرج الوادي.
وقد نمت تلك البساتين وترعرعت على الأراضي المتشبعة بالمياه، وشكلت بساتين شمل مصدراً مهماً للغذاء والماء للمقيمين صيفاً على مر القرون. وبداخل بساتين النخيل الظليلة، يوجد بيتان صيفيان قديمان شُيدا في شمل من أحجار الوادي والملاط، ولكل من هذين البيتين نوافذ وملاقف “براجيل”، وهو نظام راق من المنافذ المفتّحة التي توجه حركة الهواء البارد من بساتين النخيل الظليلة إلى الغرفة لتهويتها، وشُيدت البراجيل في الجزء الجنوبي بينما بُنيت نوافذ كلا البيتين في الجدران الشمالية.
ويعمل التصميم المميز لهذه البيوت على إبقاء أشعة الشمس خارج الغرف الداخلية، ومن ثم الحفاظ على برودة جوها. وقد صُممت كل بناية بشكل مختلف عن الأخرى.
فالبيت الأول هو الأكبر والأكثر إتقاناً وله شكل مستطيل، ومدخل مزود بدرج، وباب مزين بشكل خاص بإطار كأسنان المنشار وزخارف في المنتصف على شكل ورود تتقاطع في نسق جمالي. ويحتوي البيت على حمام في قطاعه الشرقي من الداخل، فيما يشتمل البيت الآخر على مدخل يمكن الوصول إليه بصعود عدة درجات إلا أنه لا توجد أي زخارف حول الباب.
وعلى الرغم من أن التصميم الخارجي للبيت اتسم بالبساطة، اشتمل الجزء الداخلي للبيت على منافذ عديدة بكل حائط لأغراض العرض والتخزين. وهو أصغر حجماً من البيت الأول، وملحق به حمام منفصل في الجزء الخلفي من البيت ناحية الجنوب الشرقي.