بدايات الإمارات | ||||
---|---|---|---|---|
المحمية البريطانية والإمارات المتصالحة | رأس الخيمة والاتحاد |
كان الهجوم العقابي في عام 1819 للميلاد كارثة على القواسم، ونجم عنه عواقب بعيدة المدى، فمنذ تلك اللحظة أصبح التفوق البريطاني في المنطقة أولوية سياسية وعسكرية واستمر لمدة 151 عاماً. ومنذ توقيع معاهدة السلام العامة لعام 1820 للميلاد وحتى انسحاب بريطانيا من الخليج العربي في 1 ديسمبر 1971 للميلاد، كان دور المملكة المتحدة في شؤون رأس الخيمة والدول الأخرى جزءاً لا يتجزأ من تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة. وما كان يمكن أن يبدأ كحملة عسكرية مفترضة لقمع القرصنة، تحول إلى رغبة في تحقيق سلام بحري دائم، وإلغاء العبودية وإنشاء محميّة غير رسمية.
ففي أعقاب تدمير رأس الخيمة مباشرة، كانت أولوية بريطانيا تتمثل في حماية طرقها التجارية، ولهذه الغاية وقّع اللّواء ويليام كير غرانت في 8 يناير عام 1820 للميلاد معاهدة السّلام العامة مع زعماء مختلف القبائل الموجودة على ما أطلقت عليه بريطانيا اسم “ساحل القراصنة”. وكان من بين الموقّعين حسن بن رحمة القاسمي الذي يُعرف الآن باسم شيخ خت والفحلين والحاكم السابق لرأس الخيمة، وكذلك الشيخ سلطان بن صقر القاسمي الحاكم السابق للشارقة، في حين وقّع رجب بن أحمد، شيخ الجزيرة الحمراء بعد ثلاثة أيام وكان ذلك في 11 يناير، تلاه حسن بن علي شيخ ضاية (الرمس)، وحكام أبوظبي، ودبي، وعجمان، وأم القيوين والبحرين.
وقد نصّت المعاهدة التي تتكون من أحد عشر بنداً على أنّ “السّطو والقرصنة في البر والبحر من قِبَل العرب الأطراف في هذه المعاهدة سينتهي إلى الأبد”، وأنّه على كل قبيلة أن تحمل “برًّا وبحرًا رايةً حمراء بحروف أو من دون حروف، كما تراه مناسبًا، ويجب أن يكون ذلك بحدٍّ أبيض” رمزاً للسلام. وأدانت المعاهدة تجارة الرّقيق وأدخلت نظام تسجيل يعتمد على طولِ وعرضِ السفينةِ ونصّت المعاهدة أيضاً على أنّه “ينبغي أن يكون بحوزتهم وثيقة أخرى، تخليص الميناء، تحمل توقيع رئيسهم، ويجب أن تحتوي على اسم المالك واسم النوخذة (قائد أو ربان السفينة) وعدد الأشخاص وعدد الأسلحة عند إبحارهم في أي وقت، وإلى أي ميناء يتوجهون. وإذا قابلتهم سفينة بريطانية، أو أيّة سفينة أخرى، فإنه يتوجب عليهم تقديم التصريح ووثيقة تخليص الميناء”.
بقيت رأس الخيمة تحت الاحتلال البريطاني حتى شهر يوليو عام 1820 للميلاد، عندما غادرت حامية قوامها 800 جندي إلى قشم. قبل كلّ ذلك، أمرهم النقيب توماس بيرونيت ثومبسون -الذي شارك في صياغة معاهدة السلام العامة وعُيّن لقيادة قوات الاحتلال- بتدمير دفاعات المدينة. وكتب لوريمر في دليله الجغرافي عن الخليج أن القوات “دمرت في البداية جميع المباني في رأس الخيمة تقريباً، وجميعها تحصينات بدرجة أكبر أو أقل، ثم أخلت الموقع في 18 يوليو، وبعد يومين نزلت القوات في مدينة قشم”.
صورة تعود لمعاهدة السلام العامة مع القبائل العربية في الخليج العربي. © مكتبة قطر الوطنية.
في الشهر ذاته، أنشأ البريطانيون منصب الوكيل السياسي للخليج الأدنى الذي كانت مهمته ضمان تنفيذ المعاهدة، وأقام الوكيل في جزيرة قشم مع مفرزة من القوا ت البريطانية، وبقي هناك حتى عام 1822 للميلاد، عندما تم استبدال هذا المنصب بنظام “السيطرة البحرية”، وقد تَضَمَّن هذا النّظام إنشاء سَرِيَّة من السّاحل الشرقي للخليج من شأنها حراسة السّاحل باستمرار، فانتقلت المسؤولية العامة عن المنطقة إلى بوشهر، حيث كان يتمركز أول بريطاني مقيم في الخليج العربي، الملازم أول جون ماكلويد. وفي شهر يناير عام 1823 للميلاد شرع ماكلويد في جولة ساحلية، حيث قام بزيارة كبار الشيوخ، وأصبحت هذه الجولة تقليداً سنوياً استمرت حتى القرن العشرين.
وبحلول وقت زيارة ماكلويد، أصبح الشيخ سلطان بن صقر القاسمي قائداً لكل موانئ القواسم، إذ أقرّ معظم شيوخ الساحل بتفوقه، وفي رسالة إلى فرانسيس ووردن -السكرتير العام للحكومة في بومباي- كتب ماكلويد: “إن القاسمي كان الشخصية الأبرز في الخليج العربي، وإن رأس الخيمة تابعة تماماً لسلطان بن صقر، وشقيقه الشيخ محمد مسؤولاً عن الحكومة”، وأشار ماكلويد أيضاً إلى أن “المدينة الجديدة رأس الخيمة، تتكون من العديد من أكواخ البوص (القصب)، ومنزل واحد أو منزلين من الطّينِ، ولا يزال الميناء يُستخدم لقواربهم”.
في هذا المرفأ -كما كتب ماكلويد- كان هناك “عدد كبير جداً من السفن الجميلة، ربما لا تقل عن ثلاثين، قادرة على استيعاب ما يراوح بين خمسين إلى مائة رجل؛ ويقوم الشيخ سلطان ببناء سفينة تجارية ضخمة يبلغ وزنها نحو 120 طناً، يقال إنّها مخصصة للتجارة مع الهند. أمّا الزعماء الآخرون فلديهم عدد قليل جداً من القوارب إلى جانب تلك المستخدمة في صيد الأسماك، وربما لا يمتلك أحدهم أكثر من ثلاثة أو أربعة قوارب. وتم وصف الشيخ سلطان نفسه بأنه “رجل شديد البأس وطموح”، رغم أنه أعظم قدرة من الحكام الآخرين، و” معترف بتفوقه على جميع القبائل الساحلية من الكباش حتى الشارقة، باستثناء عجمان”. وأضاف ماكلويد أيضاً، أنه على الرغم من أن الشيخ سلطان كان يتمتع بسلطة مباشرة على القادة الآخرين، وأن حكام كل ولاية تم انتخابهم من قِبَل أفراد قبائلهم “يبدو أن سلطان بن صقر يتمتع ببعض القوة في التأثير على خياراتهم، على الرغم من أنه لا يستطيع فرض شيخٍ رغماً عنهم. في الواقع، يبدو أنهم مستقلون فيما يتعلق بقبيلتهم، لكنهم يدينون بالولاء العام للشيخ سلطان باعتباره قائد القبيلة المتفوقة”.
بعد زيارته، اقترح ماكلويد إنشاء وكالة محلية، تتمثل مهمتها في بناء علاقات جيدة مع الحكّام، والإشراف على النشاطات طول الساحل المهادن، والمساعدة في إنفاذ معاهدة السلام العامة. ومع ازدياد عدد المعاهدات بمرور السنين، ازدادت أهمية هذا الدّور، وكان معظم الوكلاء إمّا من المسلمين الناطقين بالعربية من الساحل الشرقي للخليج، أو من شبه القارة الهندية. كتب ماكلويد إلى ووردن: “أعتقد أن هدفنا الرئيس هو احتواء العمل العسكري في البحر قدر الإمكان، ومنع نشوء الخلافات بينهم، خشية أن تؤدي إلى تجدّد الاضطرابات. وفي الوقت نفسه، يجب ألا نتدخل كثيراً ويجب أن نكون حريصين جداً على عدم الإساءة؛ يمكن فعل الكثير من خلال المثابرة على نظام المراقبة المستمرة جنباً إلى جنب مع العلاقات الوديّة التي تحرص الحكومة عليها”.
ورغم قيام السفن بدوريات في الخليج العربي بهدف القضاء على القرصنة، إلاّ أن بريطانيا نأت بنفسها عن التّدخل في الشؤون السّياسية لأية دولة، كما أن معاهدة السلام العامة لعام 1820 للميلاد “قيّدت حق القادة في شن حرب معترف بها مع بعضهم بعضاً في البحر”. وقد كتب تشارلز أيتشيسون -نائب سكرتير حكومة الهند-، ضمن مجموعة المعاهدات والالتزامات والسندات المتعلقة بالهند والدول المجاورة، والتي نُشرت للمرة الأولى في عام 1862 للميلاد، حيث أشار فيها إلى استمرار الهجمات التي شنّها زعماء القبائل ضد بعضهم بعضاً. وستستمر في القرن العشرين وستكون مصدراً دائماً للكراهية. وارتفعت وتيرة الخلافات القبلية وتغير الولاءات والحروب المفتوحة كما كانت لقرون.
على سبيل المثال في شهر ديسمبر 1831 للميلاد، أعلن الشيخ سلطان وحَليفهُ زعيم عجمان الحرب على بني ياس، وكتب ذلك الملازم أرنولد بوروز كمبال -مساعد المقيم البريطاني في الخليج العربي-: “في عام 1833 للميلاد، حاصر القواسم ميناء بني ياس في أبوظبي، ولم تتوقف الأعمال العدائية حتى عام 1834 للميلاد. كما استمرت النزاعات مع عُمان أيضاً، واستمرت الأعمال العدائية بين القبائل الأخرى على طول الساحل ومع البدو في الداخل، وسببت هذه الأخيرة قلقاً كبيراً، لدرجة أن الشيخ سلطان طلب الإذن من ماكلويد لبناء تحصينات دفاعية على طول ساحل رأس الخيمة، الأمر الذي سيسمح للمدينة بالدفاع عن نفسها ضد البدو الذين استغلوا حالة انعدام الدفاعات في هذا المكان لمهاجمته خلال موسم الغوص على اللؤلؤ، حيث يتوجه الرجال كافة إلى البحر.
وتوالت الأحداث، رغم أن البريطانيين كانوا في البداية لا يرغبون أو بالأحرى غير قادرين على منع كل النزاعات في البحر، إلاّ أنّه في عام 1835 للميلاد اقترح مساعد المقيم البريطاني في الخليج، الكابتن صموئيل هينيل هُدْنة تحظر الهجمات البحرية خلال موسم الغوص، وقد ضمنت الهدنة التي وقّعها حكام أبوظبي ودبي والشارقة وعجمان السلام لهم مدة ستة أشهر، وبضمان المقيم البريطاني وتنفيذ الطرادات البحرية، عمّ السلام وتم توقيع اتفاقيات سلام ومعاهداتٍ جديدة ٍفي عامي 1836 و1837 للميلاد. وفي العام التالي تم تمديد فترة الهدنة إلى اثني عشر شهراً بناءً على اقتراح من القاسمي، وفقاً لكيمبال الذي كتب عن الهدنة في ملاحظاته عن السياسة السابقة للحكومة البريطانية تجاه القبائل العربية في الخليج العربي : “في عام 1838 للميلاد، أثناء رحلة المقيم البريطاني على طول الساحل العربي، لم يكتف الشيخ سلطان بن صقر بالإعراب عن رغبته الصادقة في تجديد الهدنة، بل أضاف أيضاً أنه من دواعي سروره ترسيخها”، وكتب كيمبال: “سلام دائم في البحر”.
وأضاف: “بسبب بعض الاعتراضات على هذا الاقتراح، دعا المقيم البريطاني إلى تمديد وقف إطلاق النار وتعليق الأعمال العدائية لمدة اثني عشر شهراً بدلاً من ثمانية أشهر، واتفق الشيخ خليفة والأطراف الأخرى على هذا الاتفاق، وبالتالي تم إنهاء وقف إطلاق النار وتوقيعه حسب الأصول من قِبَل كل طرف، وتم تجديده مرة أخرى للفترة نفسها في أعوام 1839 و1840 و1841 و1842 للميلاد على التوالي، من دون إبداء أدنى اعتراض”.
في نهاية المطاف، تم التوقيع على هدنة العشر سنوات في 1 يونيو 1843 للميلاد، وهذا الأمر أدى إلى معاهدة السلام البحري الدائمة لعام 1853 للميلاد التي تم توقيعها في 4 مايو من العام نفسه، ووقّع الشيخ سلطان اتفاقية باسم “زعيم القواسم” التي تُلزم الموقّعين كافّة وكذلك ورثتهم وخلفاءهم “بالتوصل معاً بدءاً من هذا التاريخ إلى سلام دائم غير قابل للانتهاك إلى الأبد”، وشملت المعاهدة ثلاثة بنود، ونصّت على أنه “يجب أن يكون هناك وقف كامل للأعمال العدائية في البحر بين رعايانا ومختلف الأطراف التابعين لنا، وستستمر الهدنة البحرية الكاملة بيننا وبين خلفائنا، على التوالي، إلى الأبد”.
منذ ذلك الحين تغير اسم المنطقة التي كانت تُعرف سابقاً بـ “ساحل القراصنة” ليصبح “الساحل المهادن”، وأصبحت الاتحادات القبلية التي سكنت على طول ذلك الساحل “الإمارات المتصالحة” (وقد يشار إليها أيضاً باسم “عُمان المتصالحة”). وأبدى جميع شيوخ الساحل المتصالح موافقتهم على الهدنة البحرية المطلقة وإحالة أي نزاعات أو أعمال عدوانية إلى المقيم السياسي أو العميد البحري في “باسيدو” بإيران الذي من شأنه اتخاذ الإجراءات اللازمة وتحديد الضرر بشرط إثبات وقوعه بشكل صحيح للحصول على التعويضات.
شكّلت هذه المعاهدة أساساً لاتفاقيات أخرى لاحقة أُبْرمت خلال القرن التاسع عشر، أبرزها اتفاقية مكافحة الرّق التي تم توقيعها في10 ديسمبر 1847 للميلاد، وتفيد هذه الاتفاقية بموافقة القواسم وجميع الموقّعين الآخرين بحظر تجارة العبيد من ساحل أفريقيا أو أيّ أماكن أخرى على متن السّفن الخاصّة بهم، أو برعاياهم. وَحُثّ هينيل الذي أصبح مُقيّماً سياسيّاً بريطانيّاً في الساحل الشرقي للخليج العربي وقت توقيع الاتفاقية على التّقيد بها، والتي أعقبها التزامات أخرى لإلغاء العبودية في المنطقة.
ومع ذلك، لم تخضع الشؤون الخارجية لرأس الخيمة والدول الأخرى للسيطرة البريطانية المباشرة إلا بعد توقيع الاتفاقية الحصرية في عام 1892، وردًّا على التهديد المتزايد للمصالح البريطانية في الخليج العربي من قِبَل فرنسا وروسيا وتركيا، ضَمنت هذه الاتفاقيّة تعهد كلّ زعيم وورثته “بعدم الدخول في أيّة اتفاقية، أو التواصل مع أيّ كان تحت أيّ ظرف من الظروف، غير الحكومة البريطانية”، كما نصَّتْ أيضاً على أنّه “لا يجوز لأيّ حاكم التّخلي عن أو بيع أو رهن أو التّنازل بأي حال أو شكل من الأشكال عن أيّ جزء من الأرض لأيّ كان، باستثناء الحكومة البريطانية”. بالمقابل يتولى البريطانيون مسؤولية الدّفاع والعلاقات الخارجية، وهكذا أصبحت إمارات الساحل المهادن محميّة بريطانية غير رسمية، وظلت كذلك حتى تم إلغاء جميع المعاهدات والاتفاقيات في 1 ديسمبر 1971.
صورة تعود لاتفاقية عام 1892 التي أصبحت بموجبها إمارات الساحل المهادن محمية بريطانية غير رسمية. © مكتبة قطر الوطنية.
تم التوقيع على هذه الاتفاقية الحصرية في 8 مارس 1892 من قِبَل الشيخ حميد بن عبدالله القاسمي في رأس الخيمة ومهدت الطريق لسنوات من الاستقرار، وفي السّنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر وحتى بدايات القرن العشرين، شهدت رأس الخيمة فترة عمّها السّلام والازدهار، على الرّغم من الصّراعات المختلفة التي تخلّلتها، فاستقطبت المدن السّاحلية عدداً متزايداً من بدو المناطق الداخلية، واتّسعت رقعة أراضيهم ونمت ممتلكاتهم، كما ازدهر البناء في تلك الفترة، حيث شُيّدت العديد من المباني التاريخية في رأس الخيمة، بما في ذلك برج خزام وبرج المعيريض ومربعة القصيدات في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
وحتى وفاة الشيخ سلطان، كانت رأس الخيمة والشارقة محكومتين إلى حد كبير بشكل مشترك، مع وجود القليل من الاضطرابات لاستمرارية قيادتهما معاً، لكنّ وفاة الشيخ سلطان في عام 1866 للميلاد كانت الشرارة الأولى لفترةٍ هَيْمَن عليها انعدامُ الاستقرار، حيث قُتل ابنه الشيخ خالد بن سلطان القاسمي في معركة بعد أقل من عامين من تَسَلّمه للحكم، ثم تَسَلّم شقيقه الشيخ سالم بن سلطان القاسمي الحكم الذي لم يَدُم سوى عام واحد. في عام 1869 للميلاد، أصبحت رأس الخيمة والأراضي التابعة لها مشيخة منفصلة، لها حاكم مستقل، وهو الشيخ حميد بن عبد الله القاسمي، وظلّت كذلك حتى وفاته في عام 1900 للميلاد.
أعقب وفاة الشيخ حميد توحيد القواسم مرة أخرى، وذلك بقيادة الشيخ صقر بن خالد القاسمي حاكم الشارقة السابق، وكان نجله الشيخ خالد الحاكم الفعلي لرأس الخيمة حتى وفاته عام 1909 للميلاد، عندما تم تعيين الشيخ سالم بن سلطان القاسمي ليكون حاكماً للشّارقة وعزّز هذا الحاكم -وإن لم يدم طويلاً من عام 1868 حتى 1869 للميلاد- سلطته لدرجة أن الإمارة أصبحت بحكم الواقع كياناً مستقلاً، حيث سيطر على المدينة التي كانت تضم ما لا يقل عن 1000 منزل، ويتراوح عدد سكانها بين 4000 و5000 نسمة. وعندما كتب لوريمر دليله الجغرافي لمنطقة الخليج العربي، أشار إلى عدد “القواسم الحقيقي” في الساحل المهادن (أي أولئك المرتبطين بالعائلة الحاكمة مباشرة)، 18 رجلاً فقط، خمسة منهم عاشوا في الشارقة بما فيهم الشيخ سالم نفسه، وثمانية في رأس الخيمة، واثنان في عجمان، وثلاثة في الحمرية.
ومقارنة بالأحداث في أوائل القرن التّاسع عشر، فإنّ المعلومات حول رأس الخيمة قلّما توافرت، وبشكل كبير في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين؛ فقد كانت التقارير البريطانية تولي المكائد السياسية للدول المختلفة اهتماماً أكبر، ولم تهتم كثيرًا بشعوب أو مدن الساحل المهادن، فقد قدم بيرسي كوكس، المقيم السياسي في الخليج العربي في الفترة من 1904 إلى 1919 للميلاد، أكثر الأوصاف إيجازاً في مذكراته عن أسفاره، بعضها يدور حول رحلاته في عُمان. ووصف سَهل الصير الذي يمتد نحو سبعة أميال جنوب رأس الخيمة ويحتضن عشر قرى يبلغ عدد سكانها قرابة 2500 نسمة، وحدائق تضم 10000 نخلة. كما أجرى القائد إف. إتش. ووكر مسحاً لرأس الخيمة وهو على متن سفينة “اتس ام اس أودين” في عام 1910 للميلاد، وتبيّن له حينها أنّ مدخل المرفأ كان بعيداً على طول السّاحل أكثر ممّا هو عليه اليوم، وهكذا لا يوجد سوى القليل جداً خارج المراسلات الإدارية البريطانية.
وتتويجاً لما يقرب من قرن من الوجود البريطاني في الساحل المهادن، جاءت زيارة نائب الملك والحاكم العام للهند الأولى إلى الخليج العربي، وذلك في عام 1903 للميلاد، وشكّل وصول اللورد كورزون قبالة ساحل الشارقة في 21 نوفمبر محطة مهمة، وقد خاطب نائب الملك حكام المشيخات كافة مؤكداً على التزام بريطانيا بـ “الوصاية والحماية”، وصرح كورزون أن الحكومة البريطانية – بوصفها “سادةً وحماةً”-: “لا تريد أن تتدخل، ولم تتدخل أبداً، في الشؤون الداخلية، شريطة أن يحكم القادة أراضيهم بشكل عادل وأن يحترموا حقوق شعوبهم والتجار الأجانب المقيمين فيها، وفي حال حدوث أي نزاعات داخلية، فستجدون دائماً في المُقيمِ البريطاني الصديق الذي يستخدم نفوذ -وهو ما كان يفعله كثيراً في الماضي- لمنع تفاقم أي خلافات مع المحافظة على الوضع الراهن”.
وفي ختام كلمته، تم تقديم هدايا لكل حاكم، تضمنت سيفاً وساعة وسلسلة ذهبية، وبندقية رياضية، فضلاً عن تسليم بنادق لأبناء الحكام.
وبعد وفاة الشيخ سالم عام 1919 للميلاد، تم تنصيب نجله محمد حاكماً لفترة وجيزة حتى تولى شقيقه الشيخ سلطان بن سالم القاسمي حُكم رأس الخيمة، وحقّق الاستقلال الكامل لها في عام 1921 للميلاد، وعلى الرغم من مخاوف آرثر بريسكوت تريفور -المقيم البريطاني في الخليج- من صغر سن الشيخ ليتولى حُكم رأس الخيمة حينها، إلا أنّه وبحلول العام التّالي اعترفت حكومة بومباي به حاكماً لرأس الخيمة وبشكل رسمي في 7 يوليو 1921 للميلاد، ما جعل رأس الخيمة التي استقلت عن الشارقة، سادس مشيخة ضمن إمارات السّاحل المُهادن.
صورة توضح أعلام القواسم، حيث كان لكل من الشارقة ورأس الخيمة الأعلام نفسها، لكون من يحكمهما أفراداً من العائلة ذاتها. © مكتبة قطر الوطنية.
خلال القرن العشرين ازداد نفوذ بريطانيا العظمى في الشؤون الدّاخلية لإمارات السّاحل المهادن تدريجياً، في حين اشتهر القرن التاسع عشر بمكافحة القرصنة وحماية طرق التجارة، هيمن ظهور النفط وبرزت الأهمية الاقتصادية لإمارات الساحل المهادن على المشهد العام في القرن العشرين؛ فقد أدى اكتشاف النفط إلى الكثير من التغيير في بلاد الفرس عام 1908 للميلاد، الأمر الذي دفع بالبريطانيين لوضع توقيع امتيازات التّنقيب والعثور على النّفط في الخليج العربي كأولوية لهم، بما في ذلك إمارات السّاحل المهادن، ما يعني توقيع مجموعة من الاتفاقيات الجديدة وترسيم الحدود وإنشاء اتحاد جديد.
وبالنسبة لرأس الخيمة، بدا أثر هذا التّحول في الأولويات جليّاً خلال عام من تولي الشيخ سلطان مقاليد حكم الإمارة، وفي الفترة الممتدة من شهر فبراير إلى شهر مايو من عام 1922 للميلاد، قدّم كل حاكم تعهداً مكتوباً إلى آرثر بريسكوت تريفور، بعدم منح امتيازات نفطيّة لأي طرف “بخلاف الشّخص الذي يتم تعيينه من قِبَل الحكومة البريطانية العليا”. وشكّل هذا التعهد أول الاتفاقيات الرسمية التي وقّعها الشيخ سلطان، على الرغم من أن الأمر استغرق 16 عاماً أخرى قبل التّوصل إلى اتفاق بشأن حقوق منح الامتيازات النفطية، حيث استمرت المفاوضات مطّولاً ولم تكن دائماً وُدِّيّة.
في رسالة بعث بها ترنشارد فاول -المُقيم السّياسي في منطقة الخليج- إلى وزير خارجية الهند، جاء فيها: “في صيف 1937 للميلاد، وصلت المفاوضات بين الشيخ سلطان وممثل شركة الامتيازات البترولية المحدودة، فرانك هولمز، إلى طريق مسدود”. ورداً على ذلك، قال الشيخ سلطان في رسالة إلى البريطانيين: “إذا تم التوصل إلى اتفاق وتحققت رغبات الطرفين، فسيكون هذا بالضبط ما أريده وينسجم مع رغبة حكومة الجلالة. وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، فسأضطر إلى التفاوض مع شركة أخرى تفي بمتطلباتي”.
وفي 7 ديسمبر من عام 1938 للميلاد، حازت شركة امتيازات النفط المحدودة وبشكل حصري على حقوق استكشاف النفط. وفي 22 مارس 1941 للميلاد تم التوقيع على تمديد الاتفاقية. ومع ذلك، في 21 يونيو 1945 للميلاد تم إبرام اتفاقية امتياز تمتد إلى خمسة وسبعين عاماً. هذه الاتفاقية التي وقعها الشيخ سلطان وباسل هنري لورميت -محامي شركة تنمية البترول (الساحل المتصالح) المحدودة- تنطبق على رأس الخيمة، بما في ذلك جميع الجزر والمياه الإقليمية التابعة لها، باعتبارها تشكّل كامل أراضيها، وقد أبدى حاكم رأس الخيمة موافقته على أنه عندما يتم وضع حدود رأس الخيمة، فإن المنطقة التي يغطيها الامتياز ستكون متوافقة مع الحدود التي تم تحديدها.
على الرغم من نهاية امتياز النفط سيكون في عام 1960 للميلاد، إلاّ أن مسألة الحدود الإقليمية أصبحت مهمة للغاية في الفترة التي سبقت تشكيل دولة الإمارات العربية المتحدة؛ فالنّزاعات الحدوديّة لم تكن عَقَبة أمام التعاون السِّلمي والوُدّي بين الحكّام فحسب؛ بل أوشكت على التّسبب بخسائر محتملة لعائدات النفط، كما ظهرت مخاوف من إمكانية أن تؤدي النزاعات الإقليمية إلى انهيار أي تحالف قد يتشكّل في المستقبل، وكانت رأس الخيمة مهتمّة بشكل خاص بحدودها مع الفجيرة (التي اعترف البريطانيون بها وعدّوها دولة مستقلة في عام 1952 للميلاد) وسلطنة عُمان. وقد استحوذت كل من رأس الخيمة والفجيرة على قرية مسافي، بينما كانت المنطقة الواقعة بين قريتي الدورة والرمس محل نزاع مع سلطنة عُمان، ولم تراود هذه المخاوف رأس الخيمة فحسب، بل امتدت لتشمل خلافات مماثلة في كل الدول.
كان الحل الوحيد أمام البريطانيين يكمن في إجراء دراسة لترسيم الحدود؛ هذه الدّراسة من شأنها تحديد حدود كل دولة رسميًّا، حيث تم تكليف جوليان وولكر-مساعد المقيم السياسي في دبي- بهذه المهمة. وفي الفترة من منتصف الخمسينيات إلى أوائل الستينيات، بادر جوليان إلى زيارة مناطق إمارات الساحل المهادن كافة، للتّحقّق من الولاءات القَبَلِيّة، وتحديد مناطق لم يتم معاينتها من قبل والتشاور مع رجال القبائل الآخرين.
إحدى المشكلات التي واجهها جوليان وولكر تكمن في مفهوم الحدود نفسها التي لم تكن مألوفة للمجتمع القبلي، وتم وضع الحدود السّياسية من خلال الولاءات القبلية لشيوخ مُعَيّنين بدلاً من مناطق معينة من الأرض، أو معالم جغرافية. نتيجة لذلك تغيرت مناطق النفوذ أو السّيطرة في كثير من الأحيان، وبشكل مستمر.
في السياق ذاته، اكتشف وولكر أنه من المحتمل استقرار أعضاء القبيلة ذاتها ضمن مناطق مختلفة، مع ولاء كلّ فئة من تلك القبيلة لشيخها في رأس الخيمة، وأشار وولكر إلى أن قبيلة “المزاريع” لا علاقة لهم بأبناء فرع من بني ياس الذين يحملون الاسم نفسه ويعيشون في مدينة رأس الخيمة بمنطقة (أذن) ووديان (المنيعي) شمالً ووادي (القور)، وفي مجموعة وديان (صفري وأصفني) في إقليم رأس الخيمة، كما يسكنون وادي هيلي في الشارقة.
في غضون ذلك، كتب وولكر أن قبيلة الحبوس كانوا يسكنون في المرتفعات شرق سهل جيري برأس الخيمة، وهؤلاء كانوا في الأصل جزءاً من بني هدية، وهم فرع من الشحوح ثم انسلخوا عنهم. وكانت تربطهم علاقات قوية مع بخا، ولكن يبدو أن تأثير منطقة رأس الخيمة في منطقتهم قد استبدلها جزئيًّا وبسبب هذه الولاءات المتغيرة أو المختلفة، ولأن جوليان وولكر ومارتن بوكماستر -المسؤول السياسي في أبوظبي- لم يحاولا فرض الحدود، انتهى الأمر برسم خريطة إمارات الساحل المتصالح وكأنّها أحجية. ومع ذلك، استمر الخلاف حول حدود معيّنة حتى بعد تشكيل الاتحاد.
المزرعة والمدرسة التجريبية في الدقداقة، عام 1955.
© الأرشيف الوطني، الإمارات العربية المتحدة.
وقبل دراسة ترسيم الحدود، تم تنفيذ مبادرتين في المنطقة، الأولى هي تشكيل قوة ساحل عُمان في عام 1951 للميلاد (عُرفت لاحقاً باسم كشافة ساحل عُمان)، والثانية إنشاء مجلس إمارات الساحل المتصالح في عام 1952 للميلاد، وتم تأسيسه ليكون منتدى حواريّ، حيث ترأسه في البداية الوكيل السياسي البريطاني المقيم، وأصبح ساحة اختبار مهمة لإنشاء دولة اتحادية مستقلة. في عام 1965 للميلاد، انتقلت الرئاسة إلى حكّام إمارات الساحل المتصالح أنفسهم، وأصبح الشيخ صقر بن محمد القاسمي أول رئيس يتم انتخابه للمجلس، حتى شهر أكتوبر 1968 للميلاد، وقد أشرف على فترة مهمة في تطور إمارات الساحل المتصالح، وتحت رئاسته وقع على عاتق المجلس الإشراف على صندوق تنمية الإمارات المتصالحة الذي أنشأه مكتب تنمية إمارات الساحل المتصالح، كما عمل على توسيع أنشطته لتطال مجالات عديدة، مثل: البنية التحتية والزراعة والتعليم والرعاية الصحية.
بشكل عام، أهمل البريطانيون التنمية الاجتماعية والاقتصادية لإمارات الساحل المتصالح، وأصبحت هذه نقطة خلاف كبيرة بالنسبة للشيخ صقر الذي كان حريصاً على الاستثمار في الإمكانات الزراعية برأس الخيمة. وبناء على ذلك تمّ إنشاء المزرعة والمدرسة التجريبية في الدّقداقة عام 1955 للميلاد، على أن تستفيد الإمارة من زيادة الاستثمار خلال الستينيات. ولم ينطبق هذا على الزراعة فقط؛ بل على توفير إمدادات المياه، وبناء محطات الطاقة، وتأسيس المدارس وتطوير ميناء المدينة. وتم البدء بتشييد أول طرق رأس الخيمة الحضرية في عام 1967 للميلاد، تحت إشراف روبرت ويب -مهندس مدني يعمل لدى السير ويليام هالكرو وشركاه- في حين مَوّل صندوق تنمية الدول المتعاقدة إنشاء طريق الشارقة – رأس الخيمة السريع: حيث تم بناء الطريق في عام 1968 للميلاد، وكان جزءاً من شبكة متنامية بين إمارات الساحل المتصالح التي تضمنت أيضاً طريق دبي – الشارقة السريع، مع ما يزيد على 220 كيلومتراً من الطرق التي تم بناؤها في الفترة بين عام 1964 و1971 للميلاد، وأدى إنشاء شبكة الطرق الحديثة هذه بين إمارات الساحل المتصالح إلى تقريب المشيخات السبع وزيادة التواصل فيما بينهم. لقد كانت إحدى المبادرات العديدة التي عززت القضية المشتركة للحكام خلال وجود مجلس إمارات الساحل المتصالح، والتي مهدت الطريق لتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل أسرع مما كان متوقعاً.
صورة توضح خطط التنمية الاقتصادية والتوسع في رأس الخيمة، عام 1961. © الأرشيف الوطني، الإمارات العربية المتحدة.
عندما أعلنت بريطانيا نيّة الانسحاب من الخليج العربي في عام 1971 للميلاد، بدأت باتخاذ سلسلة من القرارات السياسية التي من شأنها أن تؤدي إلى إنشاء دولة مستقلة ذات سيادة، وفي الوقت الذي كان فيه الطريق إلى تأسيس هذه الدولة غير واضح تماماً، أفضت النتيجة النهائية إلى تشكيل دولة الإمارات العربية المتحدة، وكتابة واحدة من أكثر قصص تأسيس الدول نجاحاً على مر العصور.
أحد اللقاءات العديدة التي عُقدت بين حكام إمارات الساحل المتصالح بهدف تأسيس الاتحاد، عام 1969. © الأرشيف الوطني، الإمارات العربية المتحدة.
قاد الخطوات الأولى نحو الاتحاد كلٌّ من حاكمي أبوظبي ودبي، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم -طيّب الله ثراهما- حيث عقدا بتاريخ 18 فبراير 1968 اجتماعاً في السّميح، المنطقة الواقعة على الحدود بين أبوظبي ودبي، وقد وافق المغفور لهما الشيخ زايد والشيخ راشد في ذلك اللقاء التاريخي على دمج إمارتيهما في اتحاد واحد، والمشاركة معاً في أداء الشؤون الخارجية والدّفاع والأمن والخدمات الاجتماعية، وتبنّي سياسة مشتركة لشؤون الهجرة، في حين يتم الفصل في جميع المسائل القضائية والإدارية الداخلية من قِبَل سلطة الحكومة المحلية، كُلّ على حدة.
عُرفت تلك الاتفاقية المُهِمّة بـ “اتفاقية الاتحاد”، وشكّلت الأساس نحو توحيد الساحل المتصالح كلّه، وفي غضون أسبوع قام الشيخ زايد والشيخ راشد-طيّب الله ثراهما- بدعوة حكّام الإمارات الخمس المتصالحة الأخرى، رأس الخيمة والشارقة وعجمان وأم القيوين والفجيرة، إضافة إلى البحرين، وقطر، للمشاركة في مفاوضات تكوين الاتحاد.
وفي الفترة من 25-27 فبراير 1968 للميلاد عقد حكّام تلك الإمارات التسع مؤتمراً في دبي لإجراء مناقشات أدت إلى توقيع اتفاقية مكونة من أحد عشر بنداً، شكّلت أساسًا لـ “اتحاد الإمارات المتصالحة”، ونصت الاتفاقية على أن هدف الاتحاد، من بين جملة من الأمور الأخرى المهمة نجد تعزيز العلاقات بين الأعضاء في جميع المجالات وتنسيق الخطط من أجل تنميتها وازدهارها.
في ذلك الوقت، قال المغفور له الشيخ صقر: “إن الاتفاقية خطوة ضرورية للمستقبل وتكفل الاستقرار لجميع الإمارات، ومنطقة الخليج العربي عموماً”، وأضاف-طيّب الله ثراه-: “إنني أحث إخواني الحكام وكل الحاضرين على مواصلة هذا التّقدم حتى نتمكن قريباً من أن نصبح معًا اتحادًا قويًّا مستمرًّا، يُمْكِنُه قيادة شعبنا إلى المستقبل”.
للكن في نهاية هذه المفاوضات، انسحبت كل من البحرين وقطر، تارِكَتَيْن لقادة دول المعاهدة السّبع مناقشة تشكيل “اتحاد الإمارات العربية المتحدة” في 10 يوليو 1971 للميلاد، حيث التقى هؤلاء الحكّام بإمارة دبي لمناقشة جميع القضايا العالقة والوصول إلى اتفاق نهائي، وهو ما تم بالفعل، إذ اتّفقوا فيما بينهم على التّحالف، وأعلنوا تشكيل دولة الإمارات العربية المتحدة في 18 يوليو 1971 للميلاد، وجاء في ختام الاجتماع: “التقينا في هذا الاجتماع التاريخي لتحقيق ما تلاقت عليه إرادتنا وإرادة شعب إماراتنا لإعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة دولة مستقلة ذات سيادة”.
انسحب البريطانيون أخيراً في 30 نوفمبر، ما شكّل نهاية حقبة استمرت لنحو 150 عاماً من الانخراط في شؤون إمارات الساحل المتصالح، وتم الإعلان رسمياً عن تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة المستقلة في 2 ديسمبر 1971 للميلاد.
وأعلن أليك دوغلاس – هوم، وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية وشؤون الكومنولث، عن تشكيل الاتحاد في مجلس العموم في 6 ديسمبر 1971 للميلاد، وقال: “يسعدني إبلاغ المجلس بأن دولة الإمارات العربية المتحدة قد تأسست رسمياً يوم الخميس الماضي، 2 ديسمبر”، كما أفاد دوغلاس أيضاً، بأن حاكم أبوظبي الشيخ زايد، أدى اليمين رئيسًا لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وقال المغفور له الشيخ صقر -طيّب الله ثراه- في خطابه إلى المجلس الأعلى للاتحاد: “في الوقت الذي نؤسس فيه اتحاداً في منطقة مهمة من عالمنا العربي، سيكون ركيزة داعمة لبناء عالم عربي ممتد من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي”.
لقد كان الشيخ صقر ملتزماً بكلامِه، وحريصاً على ضمان تولي رأس الخيمة الدّور الفاعل في مسيرة دولة الإمارات الطموحة، وفي العقود اللاّحقة، أصبحت الإمارة جزءاً لا يتجزأ من الاتحاد؛ حيث توَفّر المواد الخام الداعمة لتنمية الدولة، ومن رواد الابتكار في اقتصادها المتنوع، علاوة على مكانتها كوجهة سياحية عالمية.
حكام الإمارات العربية المتحدة في صورة تذكارية احتفاء بانضمام رأس الخيمة إلى الاتحاد، 10 فبراير 1972. © الأرشيف الوطني، الإمارات العربية المتحدة.