احتضنت رأس الخيمة لأكثر من سبعة قرون صناعة الفخار بكثافة، وهي الصناعة التي حظيت بنصيب الأسد من اقتصاد المنطقة قبل ظهور النفط. وقد تزامن إنتاج الفخار مع ازدهار المجتمع التجاري في بلدة جلفار التي تقع في أقصى شمال الإمارة.
واشتغل صناع الفخار بهذه المهنة في غيلان وشمل، وحديثاً في وادي حقيل، حيث عُثر على أفران فخار أثرية. ثم تراجع الإنتاج في الإمارة بعد الحرب العالمية الثانية بفترة وجيزة، فيما نشطت في المقابل حركة الاستيراد وصناعة البلاستيك التي أثرت سلبًا على الاعتماد على الفخار في وادي حقيل، حتى يُذكر أن آخر صانع للفخار قد توفي منذ عقدين.
وللأسف رحلت معه معرفته وخبرته التي لم يهتم بها ابنه وأقاربه الذين ما زالوا على قيد الحياة. وعُرفت الأواني الفخارية التي كانت تُصنع في رأس الخيمة باسم “فخار جلفار”، وكانت تُوزع في أنحاء الإمارات العربية وغرب المحيط الهندي. كما عُثر عليها كذلك في مناطق من الساحل الإيراني الجنوبي والبحرين وقطر والمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية وعُمان واليمن والساحل الشرقي من أفريقيا.
أنتج صانعوا الفخار في شمل ووادي حقيل كماً هائلاً من الأواني الفخارية، بدايةً من الصحون الصغيرة والأكواب، وصولاً إلى طناجر الطهي وقدور الماء وجِرار التخزين الكبيرة. ويمكن لزائري متحف رأس الخيمة الوطني استكشاف أنواع الفخاريات العديدة المعروضة.
في أوائل عام 2013، كشف الابن الوحيد لآخر صانع فخار بعضاً من الأساليب القديمة لصنع الفخار الأصلي، حيث جمع أنواعاً مختلفةً من الطين من أنحاء رأس الخيمة وخلطها عن طريق الدك بالعصي حتى تصبح لينة وصافية.
ثم غربل الطين لإزالة الحصى والعوالق الأخرى غير المرغوب بها. ورطّب الطين ببعض الماء حتى يصير جاهزاً للتشكيل.
ووضعه على عجلة بدائية، ثم صنع أشكالاً طينية لولبية، وأضافها إلى القاعدة لتكوين جوانب الآنية الفخارية. ثم صقلها من الداخل والخارج بمحارة ثم استمر في إضافة أشكال لولبية أخرى حتى تصل إلى الشكل المرغوب به للقِدر.